Our Blog

فضل الشهاده والتضحيه في سبيل الوطن

فضل الشهادة والتضحية فى سبيل الوطن
عناصر الخطبة
1- مقدمة .
2- من هم الشهداء .
3- الشهداء يضحك الله لهم ويحبهم.
4- فضل الشهادة في الدفاع عن الوطن .
5- مكانة الشهيد عند الله.

                                                   المقدمة

الحمد لله الذي زين قلوب أولياءه بأنوار الوفاق، وسقى أسرار أحبائه شرابا لذيذ المذاق، وألزم قلوب الخائفين الوجل والإشفاق، فلا يعلم الإنسان في أي الدواوين كتب ولا في أيّ الفرقين يساق، فأن سامح فبفضله، وان عاقب فبعدله، ولا اعتراض على الملك الخلاق.
واشهد إن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, له الملك, وله الحمد وهو علي كل شيء قدير شهادة أعدها من أكبر نعمه وعطائه، وأعدها وسيلة إلي يوم لقاءه
يارب:
يظن الناس بي خيرا وأني أشر الناس إن لم تعف عنـي
ومالي حيلة إلا رجـائـي وجودك إن عفوت وحسن ظني
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه
البشير النذير السراج المنير الذي عم نوره الأفاق ، والنور الذي لا يعترض ضياءه كسوف ولا محاق ، الحبيب القرب الذي أسري به على البراق ، إلي إن جاوز السبع الطباق .     يا سيدي يا رسول الله
يا أجمل ما رأت قط عين ويا أكمل ما ولدت النساء
خلقت مبرأ من كل عيب كأنـك خلقت كما تشاء
وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين
أما بعد 
يقول تعالى  ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً  [آل عمران:196].
ويقول ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111]،
ويقول صلى الله عليه وسلم بقوله :« وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ»
الشهداء هم صنف من الناس هانت عليهم دُنياهم ولم تغرَّهم مُتَعُ الحياة وزخرفها، ولم يقعدْ بهم الخوف على الذريَّة والعيال، سلكوا طريقًا جبن عنه الكثيرُ، اختاروا طريقًا قلَّ سالكوه، وركبوا بحرًا تقاصَرتِ الهمم عن رُكوبِه، علموا أنَّ العمر محدودٌ والطريق طويل؛ فاختاروا أرفعَ المقامات وتسنَّموا ذُرَى الإسلام، علموا أنَّ أغلى ما يملكه الإنسان روحه التي بين جنبَيْه، فقدَّموها قُربانًا إلى ربهم، يهون المال والمتاع دُون الدم، ولكنَّهم أراقوا دِماءهم في سبيل الله، سمعوا قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111]، فعقدوا البيعَ مع الله، السِّلعة أرواحهم ودماؤهم، والثمن الموعود عند الله هو الجنة، ومَن أوفى بعهده من الله؟! فيا لله ما أعظمَه من بيعٍ، وما أعظمه من ربح! لله درهم، ما أشجعهم! غادَرُوا أوطانهم، وهجَرُوا نساءهم، وفارَقُوا أولادهم وخلانهم يطلُبون ما عند الله، تركوا لذيذَ الفِراش ورغدض العيش وخاطَرُوا بأنفُسِهم في سبيل الله يطلُبون الموت مظانه، لله درُّهم ما أقوى قلوبهم، لله درُّهم ما أقوى إيمانهم حين يعرضون رقابهم للحُتوف ويريقون دماءَهم تقرُّبًا إلى الله ربِّهم؛ طمعًا فيما عند الله!

وأمرنا ألا نسميهم أموات، إنما نسميهم شهداء أحياء لأن الشهداء شهدوا أن الله حق ولابد من نشر دين الحق، فإذا اعترضه معترض بذل دمه ووقع بروحه، وقال: دمي يشهد بأن الله أعظم وأجل من أن يتراجع الإنسان في تبليغ دينه ودعوته، وبهذا سُمي الشهيد شهيداً، ومع الأسف اليوم من أجل أدنى مصلحة ولو بعض الربا البسيط لا يُفرط فيه، ولو ضاعت دنياه وأخراه، فكيف لهذا أن يصل إلى درجة الشهيد والشهداء، إنها مرحلة خطيرة وفجوة كبيرة، يقول تعالى   ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون  [البقرة:154]. لا إله إلا الله والرسول   في يوم من الأيام جلس مع الصحابة وطرح عليهم هذا السؤال الذي يجب أن يطرحه كل والد الآن وغداً وإلى الأبد على أبنائه خاصة الجيل المسلم، قال  ]: ((ما تعدون الشهداء فيكم؟ قالوا يا رسول الله من قُتّل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل)) – لعلمه   أن الناس يُحبون الدنيا ويخافون من الموت، ثم أعطى صفحةً جديدة لشهيد لم يعرفها أحد من قبل-: قالوا فمن يا رسول الله قال: ((من قُتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سيبل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد – أي بمرض بطني – والغريق شهيد))
واسمع لهذه القصة  .....قال جابر بنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما : " لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي :((يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا))؟ قُلْتُ :يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا. قَالَ :((أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ))؟ قَالَ :قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ.قَالَ :((مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا فَقَالَ : يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ. قَالَ : يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً . قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ . قال : يا رب فأبلغ من ورائي . فنزلت هَذِهِ الْآيَةُ : وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ{.

أيها الأحبة في الله! إن فضل الله واسع، فينبغي أن تسأل الله الشهادة وتضحي بنفسك وأهلك من أجل الله ، فعن سهل بن حنيف- قال: ” مَن سأَل الشَّهادَةَ بصِدقٍ ، بلَّغه اللهُ مَنازِلَ الشُّهَداءِ ، وإنْ مات على فِراشِه ” ( مسلم )، لذلك كان عمرُ رضيَ اللهُ عنهُ يقول في دعائه : اللهمَّ ارزقْنِي شهادَةً في سبيلِكَ ، واجعلْ موتِي في بلَدِ رسولِكَ ( البخاري )، واستجاب الله دعاءه ورزقه الله الشهادة ودفن بجوار المصطفي.
فنسأل الله أن يكتب لنا الشهادة في سبيله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً .
الشهيد يضحك الله تعالى إليه
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ " ، فَقَالُوا : كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : " يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَيُسْتَشْهَدُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ ، فَيُسْلِمُ فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ " مسلم
الشهداء يضحك الله لهم ويحبهم
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ وَيَسْتَبْشِرُ بِهِمْ ، الَّذِي إِذَا انْكَشَفَتْ فِئَةٌ , قَاتَلَ وَرَاءَهَا بِنَفْسِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ ، وَإِمَّا أَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَكْفِيهِ ، فَيَقُولُ : انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي كَيْفَ صَبَّرَ لِي نَفْسَهُ ، وَالَّذِي لَهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ وَفِرَاشٌ لَيِّنٌ حَسَنٌ ، فَيَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَذَرُ شَهْوَتَهُ , فَيَذْكُرُنِي وَيُنَاجِينِي وَلَوْ شَاءَ لَرَقَدَ ، وَالَّذِي يَكُونُ فِي سَفَرٍ وَكَانَ مَعَهُ رَكْبٌ , فَسَهَرُوا وَنَصَبُوا ثُمَّ هَجَعُوا , فَقَامَ فِي السَّحَرِ فِي سَرَّاءٍ أَوْ ضَرَّاءٍ " .. رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي وحسنه الألباني في "الصحيحة"وفي "صحيح الترغيب والترهيب"
أرواح الشهداء في جوف طير خضر :

فضل الشهادة في الدفاع عن الوطن
ويدخل في الشهداء كل من مات مدافعا عن أرضه وعرضه وماله ودمه وكذلك كل من مات وهو يسعي على رزقه وأولاده وأهله والعمل من أجل بناء أسرته ووطنه؛ إذ يعد سعيه على معيشته جهادا في سبيل الله، وقد أكد القرآن ذلك في قوله تعالى( عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)المزمل20

إننا لا يحق لنا أن ننسى ابدآ دماء الشهداء التي حفرت على جدار التاريخ المجد لدينهم وبلادهم و أوطانهم ،لا ننسى ابدآ الرعيل الأول من الصحابة ومن تبعهم ، لا ننسى أبدا كل من قدموا أرواحهم من اجل رفعة دينهم وحرية وكرامة وطنهم ، رووا بدمائهم ارض الوطن دفاعا عن الأرض والعرض، ورغبة في عزة البلاد ،و كرامة العباد، ولا شك أن من اقل حقوق هؤلاء الشهداء على أبناء الوطن تخليد أسماءهم، وذكراهم ،ليس فى سجلات التاريخ فحسب، بل فى كل قلب وعلى كل لسان ، ليس من قبيل سرد البطولات التي قاموا بها فحسب، بل من أجل أن يكونوا نموذجا للاقتداء بهم، وحافزا للأجيال بعدهم على التضحية من أجل الوطن، ورفعته ،وتقدمه ،وحريته،
فلقد هانت علي هؤلاء دنياهم ولم تغرهم متع الحياة وزخرفها، علموا أن العمر محدود والطريق طويل؛ فاختاروا أرفع المقامات ، علموا أن أغلى ما يملكه الإنسان روحه التي بين جنبيه، فقدموها قربانا إلى ربهم، يهون المال والمتاع دون الدم، ولكنهم أراقوا دماءهم في سبيل الله، سمعوا قول الله تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111
فعقدوا البيع مع الله، السلعة أرواحهم ودماؤهم، والثمن الموعود عند الله هو الجنة، ومن أوفى بعهده من الله؟! فيا لله ما أعظمه من بيع، وما أعظمه من ربح! لله درهم، ما أشجعهم! هجروا نساءهم، وفارقوا أولادهم وخلانهم يطلبون ما عند الله، خاطروا بأنفسهم في سبيل الله يطلبون الشهادة، لله درهم ما أقوى قلوبهم، لله درهم ما أقوى إيمانهم حين يعرضون رقابهم للحتوف ويريقون دماءهم تقربا إلى الله ربهم؛ طمعا فيما عند الله!عن أبي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي ، أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَوْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، ثُمَّ أُحْيَا ، ثُمَّ أُقْتَلُ ، ثُمَّ أُحْيَا ، ثُمَّ أُقْتَلُ " . البخاري.
ما أعظم هذا الأجيال، التي حملت راية دينها و وطنها، فتقدموا إلى القتال، وأقبلوا على الشهادة، وتحملوا وقع السيوف والنبال والرماح وما أدبروا، فهنيئا لهم الشهادة وهنيئا لهم ما آلوا إليه
فقد قال رسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ؛ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" . الترمذي والطبراني والبيهقي

عباد الله 
إن وطننا اليوم  يضطهد من بعض دياره، وتُحاط بها المؤامرات والكيد من بعض جوانبه بغرض إسقاطه والنيل منه ؛ يفرض علينا أن نكون عيوناً ساهرة لحماية أمنه وأن نتضامن في درء أي خطر يهدد استقراره وأن نتكاتف جميعاً علي ردع كل من تسوّل له نفسه أن يجترئ عليه ، وأن نستمع لهذا النداء الخالد من ربنا عز وجل إذ يقول (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )آل عمران103
فالتعاضد والاتحاد يصنع النصر المحقق والقوة المرهوبة، وينهض بالأمم والحضارات ، أما التنازع والاختلاف يضعف الأقوياء ويهلك الضعفاء، فليست ثمة قضية أجمع عليها المسلمون قديما وحديثا مثلما أجمعوا على خطورة التفرق والتنازع ، وأن الاجتماع قوة تتضاءل إلى جانبها كل القوى المتفرقة،وان التفرق ضعف لا يضاهيه ضعف ، لذلك نهى الإسلام عن الاختلاف والتنازع و حذر من ذلك، فقال تعالى (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ الأنفال 46

فليس العاجز أبدا هو من فقد ساعده أو قدمه أو عينيه أو لسانه بل إن العاجز كل العجز هو من عمى قلبه فسعى لدمار أرضه وسلب امن بلاده هو من لم يحافظ على دينه ووطنه وان كلفه الأمر أغلى ما يملك بل وان كلفه الأمر حياته ولكم في عمرو ابن الجموح عبرة وعظة كان عمرو بن الجموح رضي الله عنه شيخاً من الأنصار أعرج، فلما خرج النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى غزوة بدر قال لبنيه : أخرجوني ( أي للقتال ) فذُكر للنبي – صلى الله عليه وسلم – عرجه ، فأذن له في البقاء وعدم الخروج للقتال ، قلما كان يوم أحد خرج الناس للجهاد ، فقال لبنيه أخرجوني !! فقالوا له : قد رخص لك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في عدم الخروج للقتال ، فقال لهم هيهات هيهات !! منعتموني الجنة يوم بدر والآن تمنعونيها يوم أحد !! فأبى إلا الخروج للقتال ، فأخرجه أبناؤه معهم ، فجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قُتِلَ الْيَوْمَ دَخَلَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ:(نَعَمْ) قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أرجعُ إِلَى أَهْلِي حَتَّى أَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا عَمْرُو! لَا تَألَّ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : ” مَهْلًا يَا عُمَرُ! فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَّره، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ يَخُوضُ فِي الجنة بعرجته"صحيح ابن حبان
===========

اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم

الخطبة الثانية
فضائل الشهيد

1- الشهداء أحياء عند الله تعالى:
يقول سبحانه: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 154.

2- لهم ست خصال
ذكر الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي r قال :  ” إن للشهيد عند الله عز وجل ست خصال ، أن يغفر له في أول دفعة من دمه ، ويرى مقعده من الجنة ، ويحلى حلة الإيمان ، ويزوج من الحور العين ، ويجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر ، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه ” (الحاكم(

3-  تمنِّي الرجوع إلى الدنيا ليقتل مرة ثانية:

عن مسروقٍ قال: سألنا عبدالله عن هذه الآية: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169]، قال: أمَا إنَّا قد سألنا عن ذلك، فقال: ((أرواحُهم في جوف طيرٍ خُضرٍ، لها قناديلُ مُعلَّقة بالعرش، تسرحُ من الجنَّة حيثُ شاءت، ثُمَّ تأوي إلى تلك القناديل، فاطَّلع إليهم ربُّهم اطِّلاعةً فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أي شيءٍ نشتهي ونحن نسرحُ من الجنَّة حيثُ شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرَّاتٍ، فلمَّا رأوا أنَّهم لن يُتركوا من أن يُسألُوا، قالوا: يا رب، نريدُ أن ترُدَّ أرواحَنا في أجسادنا حتى نُقتل في سبيلك مرَّةً أُخرى، فلمَّا رأى أن لَيس لهم حاجة تُرِكوا))؛ السلسلة الصحيحة.

3-  الشهداء أصحاب الأجر الوفير، والنور التام المنير:
﴿ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ﴾ [الحديد: 19
4-  نبينا صلى الله عليه وسلم تمنى أن يكون شهيدًا، وأن يُقتل في سبيل الله مرات ومرات:
فعن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده، وددتُ أنِّي أُقاتلُ في سبيل الله فأُقتلُ، ثم أُحيا ثم أُقتلُ، ثم أُحيا ثمَّ أُقتلُ))؛ متفق عليه.

5-  لا يفتن في قبره:
وعن راشد بن سعد رضي الله عنه عن رجل من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، ما بال المؤمنين يُفتنون في قبورهم إلاَّ الشهيد؟ قال: ((كفى ببارِقة السيوف على رأسه فِتنة))؛ صحيح الترغيب والترهيب.

6- لا يشعر بالألم عند موته:
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يجدُ الشَّهيدُ من مسِّ القتل إلا كما يجدُ أحدُكم من مسِّ القَرصة))؛ السلسلة الصحيحة.

7- الشهداء لا يُصعقون من النفخ في الصُّور:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي الله صلى الله عليه وسلم أنَّه سأل جبريل عليه السلام عن هذه الآية: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ [الزمر: 68]: ((مَن الذين لم يَشأ اللهُ أن يصعقهم؟ قال: هم شُهداء الله))؛ الحاكم النيسابوري.


أبشروا .. وأملوا .. واطمعوا في فضل ربكم .. فلقد ثبن في الحديث الصحيح قول نبينا صلى الله عليه وسلم :«مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ» . } وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ{ .

نسأل الله أن يكرمنا بالشهادة في سبيله وأن يكتب لها القبول، وأن يتقبَّلها منَّا بقبول حسن، كما
رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ،رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ،رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ،وَاعْفُ عَنَّا، وَاغْفِرْ لَنَا ،وَارْحَمْنَا،
اللهم اجعل مصرنا بلدا آمنا ،مطمئنا ، اللهم من أرادها بخير فوفقه إلى كل خير ، ومن أرادها بسوء فأجعل كيده فى نحره .
والحمد لله رب العالمين ،وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 
  ------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.