Our Blog

لطائف من حادثه الاسراء والمعراج

لطائف من حديث الاسراء والمعراج
===================
الأولى:
تكلم الناس في الحكمة في الاسراء به أولا الى بيت المقدس
قبل المعراج
فقيل:
ليحصل العروج مستويا من غير تعريج
لما روى عن كعب الحبار ان باب السماء الذي يقال له مصعد الملائكة يقابل بيت المقدس، قال: وهو أقرب الأرض الى السماء بثمانية عشر ميلا.
وقيل: ليجمع تلك الليلة بين القبلتين.
وقيل: لأن بيت المقدس كان هجرة غالب الأنبياء قبله فحصل له الرحيل اليه في الجملة ليجمع بين أشتات الفضائل.
وقيل: لأنه محل الحشر وغالب ما اتفق له في تلك الليلة يناسب الأحوال الأخروية فكان المعراج منه أليق.
وقيل: للتفاؤل بحصول أنواع التقديس له حسا ومعنى.
وقيل: لإرادة إظهار الحق على من عاند، لأنه لو عرج به من مكة الى السماء لم يجد لمعاندة الأعداء سبيلا الى البيان والايضاح، فلما ذكر عليه الصلاة والسلام أنه أسري به الى بيت المقدس، سالوه عن جزئيات بيت المقدس كانوا رأوها وعلموا أنه لم يكن رآها قبل ذلك، فلما أخذهم بها حصل التحقيق بصدقه فيما ذكر من الاسراء الى بيت المقدس في ليلة، وإذا صح خبره في ذلك لزم تصديقه في بقية ما ذكره.
الثانية:
استنكر بعضهم وقوع شق الصدر ليلة الاسراء: وقال: إنما كان ذلك وهو صغير في بني سعد، كما قال أحمد: حدثني حيوة ويزيد بن عبد ربه، قالا: حدثنا بقية، حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان، عن ابن عمرو السلمي، عن عتبة بن عبد السملى، أنه حدثهم، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: كيف كان أول شأنك يا رسول الله؟ قال:
" كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر فانطلقت أنا وابن لها في بهم لنا ولم نأخذ معنا زادا فقلت: يا أخي اذهب فأتنا بزاد من عند امنا فانطلق أخي ومكثت عند البهم، فأقبل طيران أبيضان، كأنهما نسران، فقال أحدهما لصاحبه: أهذا هو؟ قال: نعم، فأقبلا يبتدراني فأخذاني فبطحاني الى القفا، فشقا بطني ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقتين سوداوين. فقال أحدهما لصاحبه (قال يزيد في حديثه): ائتني بماء ثلج فغسلا به جوفي، ثم قال أحدهما لصاحبه: خطه، فخاطه وختم عليه بخاتم النبوة.. الحديث"

قال شيخ الاسلام ابن حجر:
ثلاث مرات شق صدره
فقد ثبت أيضا عند البعثة كما أخرجه أبو نعيم في الدلائل
ولكل حكمة.
فالأول كان في زمن الطفولية
لينشأ على أكمل الأحوال من العصمة من الشيطان
ثم عند البعث زيادة في إكرامه ليتلقى ما يوحى اليه بقلب قوي في أكمل الأحوال من التطهير:
ثم عند الاسراء ليتأهب للمناجاة.
قال ـ أعني شيخ الاسلام:
ويحتمل أن تكون الحكمة في هذا الغسل لتقع المبالغة لحصول المرة الثالثة كما هي في شرعه صلى الله عليه وسلم في الطهارة.
قلت: وهذه الحكمة من أعظم الحكم وألطفها وأدقها، وحقها أن تكتب بماء الذهب على صفحات القلوب لارتفاع محلها.
ثم قال شيخ الاسلام:
وهذا الذي ذكر من شق الصدر واستخراج القلب مما يجب التسليم له، ولا يصرف عنه حقيقته لصلاحية القدرة، فلا يستحيل شيء من ذلك.

الثالثة:
الحكمة في انفراج سقف بيته الاشارة الى ما سيقع من شق صدره وأنه سيلتئم بلا معالجة.
والجمع بين هذه الأقوال أى فى اختلاف الاماكن فى الاحاديث
أنه نام في بيت أم هاني، وبيتها عند شعب أبي طالب، ففرج سقف بيته، وأضاف البيت اليه لكونه كان يسكنه، فنزل منه الملك، فأخرجه من البيت الى المسجد، فكان به مضطجعا وبه أثر النعاس.
ثم أخرجه الملك الى باب المسجد، فأركبه البراق.
وقد وقع في مرسل الحسن عند ابن اسحاق: أن جبريل أتاه، فأخرجه الى المسجد، فأركبه البراق، وهو يؤيد هذا الجمع.
وقيل: الحكمة من نزوله عليه من السقف، الاشارة الى المبالغة في مفاجأته بذلك، والتنبيه على أن المراد منه أن يعرج به الى جهة العلو.
الرابعة:
الحكمة في اختصاص الطست أنه أشهر آلات الغسل عرفا.
والذهب لأنه أغلى أنواع الأواني وأصفاها
ولأن فيه خواص ليست في غيره منها أنه من أواني الجنة
وأنه لا تأكله النار ولا التراب ولا يصدأ
وأنه أثقل الجواهر فناسب ثقل الوحي.
وقال السهيل وابن دحية:
إن نظر الى لفظ الذهب ناسب من جهة إذهاب الرجس عنه، ولكونه وقع عند الذهاب الى ربه وإن نظر الى معناه فلوضائته ونقائه وصفائه ولثقله والوحي ثقيل وأما تحريم استعماله فهو مخصوص بأحوال الدنيا وذلك كان من أحوال الغيب فيلتق بأمور الآخرة.

الخامسة:
قال ابن المنير:
إنما كان الاسراء ليلا لأنه وقت الخلوة والاختصاص عرفا، ولأن وقت الصلاة التي كانت مفروضة عليه في قوله تعالى:
{ قم الليل} من المزمل 2.
وليكون أبلغ للمؤمن في الايمان بالغيب وفتنة للكافر ولأن الليل محل الاجتماع بالأحباب
قال ابن دحية:
ولإبطال قول الفلاسفة: إن الظلمة من شأنها الاهانة والشر، وكيف يقولون ذلك مع أن الله تعالى أكرم أقواما في الليل بأنواع الكرامات كقوله في قصة ابراهيم:
{ فلما جنّ عليه الليل} من الأنعام 76
وفي لوط: { فأسر بأهلك بقطع من الليل}من هود 81.
وفي موسى:{ وواعدنا موسى ثلاثين ليلة} من الأعراف 142.
وناجاه ليلا وأمره بإخراج قومه ليلا في قوله:
{فأسر بعبادي ليلا} من الدخان 23.
واستجاب دعاء يعقوب فيه وهو المراد في قوله:
{سوف أستغفر لكم ربي} من يوسف 98.
قال المفسرون: أخره الى وقت السحر من يوم الجمعة وأظهر منه انشقاق القمر آية له صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإيمان الجن به وتبليغه إياهم الوحي كان ليلا مع تفصيل الليل بسبقه النهار أي تقدمه في الخلق والابتداء به في جمع آي القرآن وسبق الليلة يومها الا عرفها وفيه ساعة الاجابة وهي في كل الليالي بخلاف الأيام فهي منها في الجمعة فقط، وفي الليالي ليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر وليس في الأيام يوم كألف شهر فضلا عن أن يكون خيرا منها وأطيب السمر ليلا لخلو الفكر فيه وألذ الوصال ليلا بل هو وقته لقوله تعالى:
{وهو الذي جعل لكم الليل لباسا} من الفرقان 47.
وإشراق القمر فيه بخلاف النهار.
السادسة:
:يؤخذ من:{أسرى بعبده} ما لا يؤخذ لو قيل:
بعث الى عبده، لأن الباء تفيد المصاحبة أي صحبه في مسراه بالإلطاف والعناية والاسعاف.

السابعة:
قال ابن دحية:
المعراج سلم من زمردة خضراء.
وقال شيخ الاسلام ابن حجر:
روى كعب أنه مرقاة من فضة، ومرقاة من ذهب.
وروى ابن سعد أنه منضد باللؤلؤ.
التاسعة:
سبق في الأحاديث اختلاف في أنه صلى ببيت المقدس بالأنبياء
قبل العروج أو بعده، وأن ان كثير صححه انه بعده
وصحح القاضي عياض وغيره أنه قبله.
أحضرت أجسادهم لملاقاته صلى الله عليه وعلى آله وسلم
تشريفا وتكريما.
الثامنة:
وقع اختلاف أيضا في تقديم الأواني له هل هو قبل العروج أو بعده قال ابن كثير وغيره:
ولعله قدمت له مرتين لأنها ضيافة له صلى الله عليه وآله وسلم والضيافة من الكريم تكون أكثر من آنين خصوصا لمن يحب.

التاسعة:
الصحيح الذي تقرر من الأحاديث الصحيحة أن العروج كان في المعراج لا على البراق، وتمسك بعضهم ببعض الروايات السابقة
فقال:
إنه عرج عليه فبلغ السماوات السبع في سبع خطوات لأنه يضع حافره عند منتهى طرفه.
العاشرة:
استفتاح جبريل أبواب السماء لأنها كانت مغلقة وإنما لم تهيأ له بالفتح قبل مجيئه. وإن كان أبلغ في الاكرام ـ لأنه لو رآها مفتحة لظن أنها لا تزال كذلك. ففعل ذلك ليعلم أن ذلك لأجله تشريفا
ولأن الله أراد أن يطلعه على كونه معروفا عند أهل السماوات أيضا لأنه قيل لجبريل لما قال محمد: أبعث اليه؟ ولم يقل: ومن محمد؟ مثلا.

الحادية عشر:
قول الخازن أبعث اليه؟
ليس استفهاما عن أصل البعث لأنه مشهور في الملكوت الأعلى
بل البعث للمعراج.
الثانية عشر:
قال شيخ الاسلام ابن حجر:
وفي قوله لجبريل: ومن معك؟ دليل على أنه أشعر بأن معه رفيقا وإلا لقال: أمعك أحد وذلك إما بمشاهدة لكون السماء شفافة، أو بأمر معنوي كزيادة أنوار أو نحوها تشعر بتجديد أمر يحسن معه السؤال بهذه الصيغة.
الثالثة عشر:
قال العلماء:
لم يكن بكاء موسى وقوله ما قال حسدا معاذ الله فإن الحسد في ذلك العالم منزوع عن آحاد المؤمنين فكيف لمن اصطفاه الله
بل أسفا على ما فاته من الأجر الذي يترتب عليه رفع الدرجة بسبب ما وقع من أمته من كثرة المخالفة المقتضية لنقص أجورهم المستلزمة لتقص أجره، لأن لكل نبي مثل أجر من تبعه، ولهذا كان من اتبعه دون عدد من اتبع نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع طول مدتهم.

الرابعة عشر:
واما قوله:
غلام. فهو على سبيل التنويه بعظمة الله وقدرته وعظيم كرمه إذ أعطى من كان في ذلك السن ما لم يعطه أحدا قبله ممن هو أسن منه لا على سبيل التنقيص. قال الخطابي: والعرب تسمي الرجل المستجمع غلاما ما دامت فيه بقية من القوة
قال شيخ الاسلام ابن حجر:
ويظهر لي ان موسى عليه السلام أشار الى ما أنعم الله به على نبينا عليه الصلاة والسلام من استمرار القوة في الكهولة الى أن دخل في أول سن الشيخوخة، ولم يدخل في بدنه هرم
ولا اعترى قوته نقص حتى أن الناس في قدومه المدينة لما رأوه مردفا أبا بكر أطلقوا عليه اسم الشاب وعلى أبي بكر اسم الشيخ مع كونه في العمر أسن منه.
الخامسة عشر:
قال القرطبي:
الحكمة في تخصيص موسى بمراجعته النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: في أمر الصلوات لعلها لكون أمة موسى كلفت من الصلوات بما لم يكلف به غيرها من الأمم فثقلت عليهم فأشفق موسى على أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم من مثل ذلك، ويشير اليه قوله: إني قد جربت الناس قبلك.
وقال شيخ الاسلام ابن حجر:
يحتمل أن يكون موسى لما غلب عليه في الابتداء الأسف على نقص حظ أمته بالنسبة الى أمة محمد حتى تمنى استدراك ذلك ببذل النصيحة لهم والشفقة عليهم ليزيل ما عساه أن يتوهم عليه فيما وقع منه في الابتداء.
السادسة عشرة:
قيل:
اقتصر الأنبياء على وصفه بالصالح وتواردوا عليها لأن الصلاح تشمل خلال الخير ولذا كررها كل منهم عند كل صفه.
السابعة عشرة:
والبراق ـ بضم الموحدة وتخفيف الراء ـ مشتق من البريق. فقد جاء في لونه أنه أبيض، أو من البرق، لأنه وصفه بسرعة السير
وفيه دلالة أن البراق كان معدا لركوب الأنبياء
ويؤيده ظاهر قوله:" فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء"
ووقع في "المبتدأ" لابن اسحاق، ومن رواية وثيمة في ذكر الاسراء:" فاستصعب البراق، وكانت الأنبياء تركبها قبلي، وكانت بعيدة العهد بركوبهم، لم تكن ركبت في الفترة".
وفي "مغازي ابن عائذ" من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب قال: "البراق: هي الدابة التي كان يزور ابراهيم عليها اسماعيل".
قال ابن المنير:
إنما استصعب البراق تيها وزهوا بركوب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأراد جبريل استنطاقه، فلذلك خجل وأرفض عرقا من ذلك. وقريب من ذلك رجفة الجبل به، حتى قال له:
" أثبت، فإنما عليك نبي وصديق وشهيد"، فإنها هزة الطرب لا هزة الغضب.

الثامنة عشرة:
قال ابن دحية:
اختيرت السدرة دون غيرها
لأن فيها ثلاثة أوصاف:
ظل ممدود
وطعام لذيذ
ورائحة زكية
فكانت بمنزلة الايمان الذي يجمع القول والعمل والنية.
والظل بمنزلة العمل، والطعم بمنزلة النية، والرائحة بمنزلة القول.

التاسعة عشر

الأنهار التي رآها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
ورد ذكرها فيما أخرجه البخاري من حديث قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة وفيه:
" قال: هذه سدرة المنتهى. وإذا بأربعة أنهار: نهران ظاهران ونهران باطنان. فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، واما الظاهران فالنيل والفرات".
وفي لفظ آخر عن مالك:" في أصلها ـ يعني سدرة المنتهى ـ أربعة أنهار..." الحديث.
فيحتمل أن تكون سدرة المنتهى مغروسة في الجنة
والأنهار تخرج من تحتها، فيصح أنها من الجنة.
قال ابن أبي جمرة:
فيه أن الباطن أجل من الظاهر، لأن الباطن جعل في دار البقاء، والظاهر جعل في دار الفناء
ومن ثم كان الاعتماد على ما في الباطن
كما قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
" إن الله لا ينظر الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم وأعمالكم.".
[و] وقوله:" وأما الظاهران فالنيل والفرات": وقع في رواية شريك: أنه رأى في السماء الدنيا نهربن يطردان، فقال له جبريل : هما النيل والفرات عنصرهما ـ والعنصر، بضم العين والصاد المهملتين بينهما نون ساكنة: هو الأصل
وأما الحديث الذي أخرجه مسلم بلفظ:
" سيحان وجيجان والنيل والفرات من أنهار الجنة"
فلا يغاير هذا، لأن المراد ان في الأرض أربعة أنهار أصلها من الجنة، وحينئذ لم يثبت لسيحون وجيجون أنهما ينبعان من اصل سدرة المنتهى، فيمتاز النيل والفرات عليهما بذلك.
وأما الباطنان المذكوران في حديث الباب، فهما سيحون وجيجون، والله أعلم.
قال النووي:
-------
في هذا الحديث ان أصل النيل والفرات من الجنة
وانهما يخرجان من أصل سدرة المنتهى، ثم يسيران حيث شاء الله، ثم ينزلان الى الأرض، ثم يخرجان منها، وهذا لا يمنعه العقل، وقد شهد به ظاهر الخبر، فليعتمد. وأما قول عياض: إن الحديث يدل على أن أصل سدرة النتهى في الأرض، لكونه قال: إن النيل والفرات يخرجان من أصلها، وهما بالمشاهدة يخرجان من الأرض، فيلزم منه أن يكون أصل السدرة في الأرض، وهو متعقب: فإن المراد بكونهما يخرجان من أصلها غير خروجهما بالنبع من الأرض.
والحاصل أن أصلها في الجنة، وهما يخرجان أولا من أصلها، ثم يسيران الى أن يستقراا في الأرض، ثم ينبعان. واستدل به على فضيلة ماء النيل والفرات لكون منبعهما من الجنة، وكذا سيحان وجيجان.
قال القرطبي:
لعل ترك ذكرهما في حديث الاسراء، لكونهما ليسا أصلا برأسهما وإنما يحتمل أن يتفرعا عن النيل والفرات.
قال:
وقيل: إنما أطلق على هذه الأنهار أنها أنهار تشبيها لها بأنهار الجنة، لما فيها من شدة العذوبة والحسن والبركة.
منقول من كلام العلماء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Designed by Templateism | MyBloggerLab | Published By Gooyaabi Templates copyright © 2014

صور المظاهر بواسطة richcano. يتم التشغيل بواسطة Blogger.